text
stringlengths
2
74
المكنونة واليتيمة المصونة في الاسماء المنكرة ثم ذكر ان شهاب الدين
القوصي سرد شرحها في معجمه عقب كل بيت وهي قصيدة منكرة بما تحوي من اللفظ
المنكر وقد ورد عن العرب الالغاز بطريقة السءال والجواب علي النحو الذي
ذهب اليه المتاخرون مثل ما ذكره علي بن ظافر في كتابه بداءع البداءه وهو
ان عبيد بن الابرص لقي امرا القيس فقال له كيف معرفتك بالاوابد قال الق
ما احببت فقال عبيد ما حبة ميتة احيت بميتتها درداد ما انبتت سنا واضراسا
فاجابه تلك الشعيرة تسقي في سنابلها فاخرجت بعد طول المكث اكداسا الي اخر
المحاورة في كتاب البداءع وصفحة من كتاب المعمي وقد ابتدا ولع المتاخرين
بهذه الالغاز من القرن السابع وكانت المحاجاة بها قبل ذلك قليلة وذهبوا
فيها كل مذهب حتي ان ابا الحسن بن الجياب المتوفي سنة رءيس كتاب الاندلس
واستاذ لسان الدين بن الخطيب قد افرد لها في ديوان شعره بابا جاء فيه
باشياء بديعة ولعل هذا الباب من الشعر الذي سماه ابن ابي الاصبغ في كتابه
تحرير التحبير عندما عد المناحي التي يقول فيها الشعراء بباب السءال
والجواب وبلغ من ولعهم بها انها كانت ترد علي دواوين الانشاء من الاقطار
وكانوا يجرون فيها علي طريقة العرب ويزيدون علي ذلك الاشارة الي الملغز
به بالتصحيف والقلب والحذف والتبديل وما اشبهها مما هو من صناعة المعمي
وجملوها بالتورية فزادوها ابداعا حتي صارت من زينة الشعر كقول بعضهم في
القلم وذي خضوع راكع ساجد ودمعه من جفنه جاري مواظب الخمس لاوقاتها منقطع
في خدمة الباري وقال القاضي صدر الدين بن الادمي في كشتوان كستبان ما
رفيق وصاحب لك تلقا ه معينا علي بلوغ المرام هو للعين واضح وجلي وتراه في
غاية الابهام والامثلة من انواع الالغاز كثيرة في كتب الادب ولكن من
ابعدها غاية وابدعها اية لغز الشيخ زين بن العجمي وقد كتبه نثرا وهو قوله
سالتك اعزك الله عن ساءل لا حظ له في الصدقة الخ ومن الالغاز نوع عجيب
وهو ان تلغز في اسم وياتي في اللغز بما يطابق صورة احرفه في الرسم من
الاشياء وهو نادر جدا في الماثور عنهم ومنه ان الوليد الوقشي وابا مروان
بن عبد الملك بن سراج القرطبي اجتمعا وكانا فريدي عصرهما الخ اما الغاز
النحاة والفقهاء واهل الفراءض ومن ينتحلون الحكم والفلسفة فاكثرها مشهور
ولا حاجة الي البحث فيها لان الفن اغلب عليها ولسنا في ذلكن غير انا نذكر
عجيبة منه لم يتفق مثلها فيما وقفنا عليه من ذلك عينا او اثرا وتلك ان
المولي شمس الدين الغفاري من علماء دولة السلطان بايزيد في القرن الثامن
وقفوا له علي رسالة ضمنها عشرين قطعة منظومة كل قطعة منها مسالة من فن
مستقل وقد غير فيها اسماء تلك الفنون بطريق الالغاز امتحانا لفضلاء دهره
ولم يقدروا علي تعيين فنونها فضلا عن حل مساءلها قال صاحب الشقاءق
النعمانية وشرح هذه الرسالة ابنه محمد شاه وعين اسماء الفنون وبين
المناسبة فيما ذكره من الالغاز وحل مشكلات مساءلها ووجه العجب في ذلك
مسفر فانظروا فيه الاحاجي هي جمع احجية وهي اسم من المحاجاة ويقال لها
ادعية من المداعاة قال في الصحاح ويقال حجياك ما كذا وكذا وهي لعبة
واغلوطة يتعاطاها الناس بينهم قال ابو عبيد هو نحو قولهم اخرج ما في يدي
ولك كذا وتقول ايضا انا حجياك في هذا الامر اي من يحاجيك وقال في تاج
العروس واحتجي اصب ما حوجي به قال فناصيتي وراحلتي ورحلي ونسعا ناقتي لمن
احتجاها فالاحاجي علي ذلك تشبه الاغاليط التي يسميها عامة مصر بالفوازير
وهي بهذا المعني اعم من الالغاز وان كان الاصل في كلها واحدا وهذه
الاحاجي غريزية في الفطرة علي ما يظهر لي فان الطفل الذي هو دليل الطبيعة
الاولي في الانسان يسال عن اشياء كثيرة بوصفها والاشارة اليها فاذا سءل
هو بمثل ذلك كانت عنده احاجي ومما يءيد ذلك ورود بعض الاحاجي في اسفار
العهد القديم كسفر القضاة وشء مما يماثلها في الخرافات القديمة ايضا
الميثولوجي ويكون تقرير هذه المعاني واخراجها مخرج الموضوعات النفسية مما
عمله الحكماء ملحق بالنرد والشطرنج وامثالهما واقدم ما وصل الينا من
احاجي العرب نوع كان يستعمل في اختبار البداهة وقوة العارضة فيلقي الساءل
الكلمة المفردة والمسءول يتمها في كل مرة حتي يحتبس لسانه او يكل بيانه
كهذا الذي نقلوه عن هند بنت الخس وهي قديمة في الجاهلية ادركت المتلمس
احد حكام العرب الذي يقال انه اول من وصل الوصيلة وسيب الساءبة وهي امراة
ساجعة متبذلة كانت تحاجي الرجال الي ان مر بها رجل فسالته المحاجاة فقال
كاد فقالت كاد العروس يكون الامير فقال كاد قالت كاد المنتعل يكون راكبا
فقال كاد قالت كاد البخيل يكون كلبا وانصرف فقالت له احاجيك فقال قولي
قالت عجبت قال عجبت للسبخة لا يجف ثراها ولا ينبت مرعاها فقالت عجبت قال
عجبت للحجارة لا يكبر صغيرها ولا يهرم كبيرها ثم افحمها بكلمة بذيءة
فخجلت وتركت المحاجاة ولكن الحريري المتوفي سنة وضع نوعا من المعمي
استعار له اسم الاحجية وهو اول من اخترعه وسماه كذلك وقد نظم منه في
المقامة السادسة والثلاثين عشرين احجية وقال وضع الاحجية لامتحان
الالمعية واستخراج الخبية الخفية وشرطها ان تكون ذات مماثلة حقيقية
والفاظ معنوية ولطيفة ادبية فمتي نافت هذا النمط ضاهت السقط ولم تدخل
السفط ا ﻫ وذلك النوع كلام مركب يستخرج منه لفظ بسيط لو جزء انقسم الي ما
يعادل ذلك المركب في اجزاءه ويرادفها في المعني كقوله في اسكوب يا من
تبوا ذروة في الفضل فاقت كل ذروه ما مثل قولك اعط ابري قا يلوح بغير عروه
لان اعط يرادفها اس من الاوس وهو الاعطاء والابريق بغير عروة يرادفه
الكوب وقول ابي الوفاء العرضي في صهباء يا مفردا فيما جمع وكاملا فيما
ابتدع بين لنا احجية حاصلها اسكت رجع وقد فلا المتاخرون مركبات اللغة
التي يستخرج منها مثل هذه الالفاظ وجمعوا من ذلك كلمات كثيرة كقولهم اطلب
طريقا في سلسبيل وتراب مطر في البراغيث لان البري هو التراب وقد اخذ بعض
المعاصرين هذه الكلمة وجعلها هكذا ابن عاجب امطرا يريد البراء بن عاجب
وهو صحابي واقتفار الاحاجي ما عرفت من هذا النمط خروج بها عما ليس له حد
الي ما يحد وبذلك تعسفوا بها في هذه البواد وركبوا من امرها كما رايت
الثور بعد الجواد وقد ذكر عبد القادر البغدادي صاحب خزانة الادب ان اجل
التصانيف المءلفة في الالغاز والاحاجي كتاب الاعجاز في الاحاجي والالغاز
تاليف ابي المعالي سعد الوراق الخطيري قال وهو كتاب تكل عن وصفه الالسن
جمع فيه ما تشتهي الانفس وتلذ الاعين ا ﻫ المعمي قدمنا ان هذا الفن هو
الاصل من حيث الصنعة وان الملاحن والالغاز والاحاجي هي منه بعضها اعان
عليه وبعضه اعان عليها ونحن موردون هنا قولا يشمل الجميع توفية للفاءدة
وانما الاتساع مادة الاشباع نقل البغدادي في خزانة الادب عن صاحب الاعجاز
في الاحاجي والالغاز في ذكر اسماء هذا الفن وعودها الي معني واحد ان هذا
الفن واشباهه يسمي المعاياة والعويص واللغز والرمز والمحاجاة وابيات
المعاني والملاحن والمرموس والتاويل والكناية والتعريض والاشارة والتوجيه
والمعمي والممثل والمعني في الجميع واحد وانما اختلفت اسماءه بحسب اختلاف
وجوه اعتباراته فانك اذا اعتبرته من حيث هو مغطي عنك سميته معمي ماخوذ من
لفظ العمي وهو تغطية البصر عن ادراك المعقول وكل شء تغطي عنك فهو عمي
عليك واذا اعتبرته من حيث انه ستر عنك ورمس سميته مرموسا ماخوذ من الرمس
وهو القبر كانه قبر ودفن ليخفي مكانه علي ملتمسه وقد صنف بعض الناس في
هذا كتابا وسماه المرموس واكثره ركيك عامي واذا اعتبرته من حيث ان معناه
يءول اليك سميته التاويل الخ وقد ذكر جمال الدين بن نباتة في سرح العيون
المتوفي سنة ان المعمي سمي في عصره المترجم وان الخليل واضع العروض هو
اول من استخرجه ونظر فيه قال وذلك ان بعض اليونان كتب بلغتهم كتابا الي
الخليل فخلا به شهرا حتي فهمه فقيل له في ذلك فقال علمت انه لا بد وان
يفتتح باسم الله تعالي فبنيت علي ذلك وقست وجعلته اصلا ففتحته ثم وضعت
كتاب المعمي ا ﻫ وهو خبر لا نراه محتملا الا ان يكون ذلك اليوناني
مستعربا وافتتح كتابه حقيقة باسم الله علي الطريقة العربية فلا يبقي ثمت
الا ان تءاتي الفطنة ويسعف الالهام ونظير ذلك ما فعله شامبليون في قراءة
الخط الهيروغليفي الذي كان علي حجر رشيد بعد ان اعتمد ترجمة اليوناني في
المقابلة وكان ذلك مبدا لما بعده الي اليوم واستمر فن المعمي بعد الخليل
امثلة متفرقة لا تفرد بالتدوين ولا تتشعب في المعالجة حتي كان الجاحظ